هل فكرت يوما كيف سيكون حالك لو كنت قد خُلقت بلا قلب؟ وإذا تخيلت للحظة أن الخيار متاح أمامك كي تتخلي عن قلبك وتعيشي حياتك بدونه، هل ستوافقين؟
هل تتصورين ماذا يمكن أن يحدث في مثل هذه الحالة؟ لن تشعري بعد الآن بأي ألم أو خوف أو أذى أو غضب أو قلق… لكن في المقابل لن تعرفي كذلك معنى السعادة والحب والامتنان والتشجيع والدفء، وغيرها الكثير من المشاعر الإيجابية الجميلة التي نحتاجها جميعا كبشر.
ليس ذلك فقط، بل سيتوجب عليك كذلك أن تستخدمي عقلك فقط في كل أمور حياتك، التي ستتحول إلى حياة جافة، قاسية بلا أحاسيس أو مشاعر من أي نوع. ستصبحين مجرد آلة تحكم على كل شيء في الحياة بمنطق الصح والخطأ وبمعادلات رياضية بحتة، وسيتحول العالم كله بمن فيه إلى مجرد أرقام بالنسبة لك.
على كل حال قد تسارع الكثيرات إلى القبول بذلك الخيار إذا أتيح لهن، معتبرين أن الحياة ستصبح أسهل كثيرا إذا خلت من الشعور بأوجاع القلب وخيبة الآمال ودموع الحسرة.
لكن إذا كنت من هؤلاء، فأنصحك أن تعيدي التفكير مرة أخرى، فبدون قلبك لن تكوني على قيد الحياة أصلا! ذلك لأن كل الوظائف والعمليات الحيوية في أجسادنا تعتمد بصفة أساسية على القلب، لذا لا قلب… لا حياة.
وربما تكون هذه النتيجة في حد ذاتها إشارة واضحة من الله سبحانه وتعالى كي نستدل منها على مدى أهمية المشاعر بمختلف أنواعها في حياتنا. قد تظنين أن حياتك ستكون أسهل كثيرا بدون قلب، لكن هذا مستحيل تماما!
عندها ستتحولين إلى مجرد فتاة آلية، لا تحتوي رأسها إلا على الأرقام والحسابات، وتحسبين حساب كل خطوة تخطينها بتفكير عقلي منطقي بحت، وبعد تخطيط ميكانيكي محكم، دون أية مراعاة لتأثير قراراتك وأفعالك وأقوالك على الآخرين أيا من كانوا، وذلك لأنك لا تملكين أي مشاعر تعاطف أو تقدير أو اهتمام من أجل أي أحد ولا قلق على أحد من المحيطين بك، وسيكون المردود البسيط لذلك هو أن يبدأ المحيطون بك في فقدان أية مشاعر مشابهة تجاهك. وبهذا، لن يحبك أحد، ولن يخشى أحد عليك من الأذى، ولن يسامحك أحد عندما تسيئين إليه، والأدهى من ذلك أنه لن يكون لك أي أصدقاء أو أشخاص مقربين.
القلب يا عزيزتي هو هدية لا تقدر بثمن وهبها لنا الله سبحانه وتعالى. ولكي تعرفي طريق السعادة الحقة وتقدرينها حق قدرها، يجب أن تمري ببعض الأوقات الحزينة والصعبة. لذا لا تدعي أي مشاعر ضاغطة على أعصابك في بعض الأحيان تفقدك إيمانك بأهمية قلبك وبأن وجوده لا غنى عنه في حياتك، بل هو حياتك نفسها.
أحيانا تمر بنا لحظات في الحياة نضطر فيها للمغامرة على أمل الوصول إلى السعادة، لذا لا تترددي، ولا تهدري أي فرصة لك لتحققي ما تريدين، أو في أسوأ الأحوال لتتعلمي درسا مفيدا سيفيدك في حياتك القادمة.
تصرفي على طبيعتك، تهوري أحيانا، اتبعي قلبك ولا تخشي العواقب، فالندم على عدم اتباعه بعد ذلك ستكون عواقبه أقسى وأصعب. افعلي ذلك وستندهشين من النتيجة.
لا تزني كل الأمور بحسابات عقلية فقط، بل استمعي أيضا لصوت قلبك الذي يصرخ بداخلك، وثقي به وسيري خلفه، فمن المفيد لك أن تغضبي أحيانا، أو تحزني لبعض الوقت، أو تشعري بالجرح في إحدى المرات، فكل هذه المشاعر السلبية ليست إلا جزءا أساسيا من الحياة نفسها، وبدونها سنفقد متعة الهدوء والراحة والسعادة.